بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبن الطاهرين وبعد ...
دورة علوم الأقصى المبارك
الحلقة الثانية
لتسمية المسجد الأقصى المبارك :
للمسجد الأقصى المبارك عدة أسماء، أهمها ثلاثة:
* (المسجد الأقصى):
والذي سمى المسجد الأقصى المبارك بهذا الاسم هو رب العزة والجلال سبحانه وتعالى في القرآن الحكيم، وذلك في الآية المعروفة: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) / الإسراء:1.
وكلمة (الأقصى) تعني (الأبعد).. وإذا لاحظنا أن ذكر (المسجد الأقصى) في الآية الكريمة جاء بعد ذكر (المسجد الحرام) لعرفنا أن المقصود هو تسمية المسجد الأقصى بمعنى الأبعد نسبة لبعده عن المسجد الحرام..!!
وهنا قد يقول قائل: إذن لماذا لم يقل سبحانه وتعالى (المسجد القصي) أي(المسجد البعيد) بدلاً من (الأقصى) بمعنى(الأبعد)، حيث إن المقارنة المطلقة بهذه الصيغة توحي بالمقارنة بين أكثر من اثنين...!! وهنا لا بد أن نتذكر أن هناك مسجداً ثالثاً في الإسلام هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولم يكن قد بني في وقت نزول هذه الآية الكريمة لأنها مكية)، وهنا يظهر المعنى واضحاً عند المقارنة بين المساجد الثلاثة الكريمة، فمركز الأرض هو المسجد الحرام، وبعده المسجد النبوي الشريف، أما المسجد الأبعد فهو المسجد الأقصى المبارك وليس بعده مسجد آخر له مكانة خاصة في الإسلام مثل هذه المساجد الثلاثة، ولو وصلت بين مواقع المساجد الثلاثة على الخريطة لوجدت أنه يتشكل لديك مثلث غير متساوي الأضلاع، حيث تكون قاعدته الواصلة بين المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف قصيرة جداً بالنسبة للمسافة بينهما وبين المسجد الأقصى المبارك، وهو ما يبين لك الأمر بشكل عملي.
* (بيت المقدس):
وهذا الاسم هو الاسم الذي كان متعارفاً عليه قبل أن تطلق عليه التسمية القرآنية المعروفة اليوم،
وفي معظم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكر فيها المسجد كان يقول: (بيت المقدس)، ومن ذلك مثلاً ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في حديث الإسراء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَرَكِبْتُهُ فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ... إلى آخر الحديث)
لاحظ الضمير في كلمة (فيه) فهي عائدة على كلمة (بيت المقدس)، وبالتالي فالمقصود من كلمة (بيت المقدس) في الحديث الشريف هو المسجد الأقصى المبارك.
كذلك انظر إلى حديث بناء سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام للأقصى المبارك: حيث روى النسائي في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ ـ عليه السلام ـ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خلالاً ثَلاثَةً: سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَنْ لا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لا يَنْهَزُهُ إِلا الصَّلاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ (ورواه ابن ماجه).
والواضح من الحديث أن الكلام هو عن (المسجد) وليس المدينة. كما أن حديث الإمام أحمد التالي يبين ذلك، فقد روى أحمد في مسنده عَنْ ذِي الأصَابِعِ قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكَ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيَرُوحُونَ"، ولاحظ الضمير (ذلك المسجد) فهو عائد على ما ذكر سابقاً وهو (بيت المقدس)، كما أن اسم القدس أيام النبي عليه الصلاة والسلام في تلك الفترة كان (إيلياء) كما هو معروف.
والمحصلة أن هذا الاسم كان اسماً إسلامياً خالصاً، وأطلق من بعد على مدينة القدس الشريف كاملة، ولعلك تستعجب من اهتمامنا ببيان إسلامية هذا الاسم وعراقته الإسلامية، وسيتبين سبب ذلك معك عند الحديث عن عقيدة اليهود في المسجد الأقصى المبارك لاحقاً بإذن الله فكن مستعداً.
* (البيت المقدس):
هو اسم آخر للمسجد مأخوذ من الاسم السابق (بيت المقدس) ومقصوده تبيان الميزة لهذا المسجد كما أن اسم (المسجد الحرام) في مكة المكرمة يبين ميزته الأساسية وهي (الحرمة) فإن هذا الاسم يبين ميزة أساسية لهذا المسجد المبارك وهي: (القدسية)، والتقديس رفع المنزلة. ولذلك فهو مسجد رفيع المنزلة بدرجة كبيرة جداً عند رب العزة سبحانه وتعالى.
وذكر هذا الاسم الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله في بيتين من الشعر قالهما عند زيارته للمسجد الأقصى المبارك:
إلى البيت المقدَّس جئت أرجو جِنانَ الخُلدِ نُزلاً من كريــــــمِ
قطعنا في محبته عِقابــــــــــاً وما بعد العِقابِ سوى النعيــمِ
هذه أشهر الأسماء لهذا المسجد المبارك، وكلها تدل على مدى عظمته وقدسيته وعلو منزلته عند الله رب العالمين.. وليتذكر أولو الألباب.
الحلقة القادمة : الموقع والمساحة . جغرافية القدس
انتظرونا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبن الطاهرين وبعد ...
دورة علوم الأقصى المبارك
الحلقة الثانية
لتسمية المسجد الأقصى المبارك :
للمسجد الأقصى المبارك عدة أسماء، أهمها ثلاثة:
* (المسجد الأقصى):
والذي سمى المسجد الأقصى المبارك بهذا الاسم هو رب العزة والجلال سبحانه وتعالى في القرآن الحكيم، وذلك في الآية المعروفة: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) / الإسراء:1.
وكلمة (الأقصى) تعني (الأبعد).. وإذا لاحظنا أن ذكر (المسجد الأقصى) في الآية الكريمة جاء بعد ذكر (المسجد الحرام) لعرفنا أن المقصود هو تسمية المسجد الأقصى بمعنى الأبعد نسبة لبعده عن المسجد الحرام..!!
وهنا قد يقول قائل: إذن لماذا لم يقل سبحانه وتعالى (المسجد القصي) أي(المسجد البعيد) بدلاً من (الأقصى) بمعنى(الأبعد)، حيث إن المقارنة المطلقة بهذه الصيغة توحي بالمقارنة بين أكثر من اثنين...!! وهنا لا بد أن نتذكر أن هناك مسجداً ثالثاً في الإسلام هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولم يكن قد بني في وقت نزول هذه الآية الكريمة لأنها مكية)، وهنا يظهر المعنى واضحاً عند المقارنة بين المساجد الثلاثة الكريمة، فمركز الأرض هو المسجد الحرام، وبعده المسجد النبوي الشريف، أما المسجد الأبعد فهو المسجد الأقصى المبارك وليس بعده مسجد آخر له مكانة خاصة في الإسلام مثل هذه المساجد الثلاثة، ولو وصلت بين مواقع المساجد الثلاثة على الخريطة لوجدت أنه يتشكل لديك مثلث غير متساوي الأضلاع، حيث تكون قاعدته الواصلة بين المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف قصيرة جداً بالنسبة للمسافة بينهما وبين المسجد الأقصى المبارك، وهو ما يبين لك الأمر بشكل عملي.
* (بيت المقدس):
وهذا الاسم هو الاسم الذي كان متعارفاً عليه قبل أن تطلق عليه التسمية القرآنية المعروفة اليوم،
وفي معظم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكر فيها المسجد كان يقول: (بيت المقدس)، ومن ذلك مثلاً ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في حديث الإسراء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَرَكِبْتُهُ فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ... إلى آخر الحديث)
لاحظ الضمير في كلمة (فيه) فهي عائدة على كلمة (بيت المقدس)، وبالتالي فالمقصود من كلمة (بيت المقدس) في الحديث الشريف هو المسجد الأقصى المبارك.
كذلك انظر إلى حديث بناء سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام للأقصى المبارك: حيث روى النسائي في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ ـ عليه السلام ـ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خلالاً ثَلاثَةً: سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَنْ لا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لا يَنْهَزُهُ إِلا الصَّلاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ (ورواه ابن ماجه).
والواضح من الحديث أن الكلام هو عن (المسجد) وليس المدينة. كما أن حديث الإمام أحمد التالي يبين ذلك، فقد روى أحمد في مسنده عَنْ ذِي الأصَابِعِ قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكَ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيَرُوحُونَ"، ولاحظ الضمير (ذلك المسجد) فهو عائد على ما ذكر سابقاً وهو (بيت المقدس)، كما أن اسم القدس أيام النبي عليه الصلاة والسلام في تلك الفترة كان (إيلياء) كما هو معروف.
والمحصلة أن هذا الاسم كان اسماً إسلامياً خالصاً، وأطلق من بعد على مدينة القدس الشريف كاملة، ولعلك تستعجب من اهتمامنا ببيان إسلامية هذا الاسم وعراقته الإسلامية، وسيتبين سبب ذلك معك عند الحديث عن عقيدة اليهود في المسجد الأقصى المبارك لاحقاً بإذن الله فكن مستعداً.
* (البيت المقدس):
هو اسم آخر للمسجد مأخوذ من الاسم السابق (بيت المقدس) ومقصوده تبيان الميزة لهذا المسجد كما أن اسم (المسجد الحرام) في مكة المكرمة يبين ميزته الأساسية وهي (الحرمة) فإن هذا الاسم يبين ميزة أساسية لهذا المسجد المبارك وهي: (القدسية)، والتقديس رفع المنزلة. ولذلك فهو مسجد رفيع المنزلة بدرجة كبيرة جداً عند رب العزة سبحانه وتعالى.
وذكر هذا الاسم الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله في بيتين من الشعر قالهما عند زيارته للمسجد الأقصى المبارك:
إلى البيت المقدَّس جئت أرجو جِنانَ الخُلدِ نُزلاً من كريــــــمِ
قطعنا في محبته عِقابــــــــــاً وما بعد العِقابِ سوى النعيــمِ
هذه أشهر الأسماء لهذا المسجد المبارك، وكلها تدل على مدى عظمته وقدسيته وعلو منزلته عند الله رب العالمين.. وليتذكر أولو الألباب.
الحلقة القادمة : الموقع والمساحة . جغرافية القدس
انتظرونا
الأحد يونيو 15, 2008 9:09 am من طرف Admin
» ولد الهدى
الأربعاء مارس 19, 2008 10:35 am من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:16 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:16 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:15 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:15 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:13 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:11 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:09 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:09 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:08 pm من طرف Admin
» إلى كل الأعضاء
الثلاثاء مارس 18, 2008 11:08 pm من طرف Admin